استهلّت الأسواق الأوروبية تداولات يوم الثلاثاء بارتفاع طفيف بعد استيعاب المستثمرين للإيرادات المؤسسية المتفائلة وأنباء فوز ريشي سوناك برئاسة وزراء المملكة المتحدة خلفاً لليز تراس.

ومن جانبها، انسجمت نتائج مؤشر آي إف أو لمناخ الأعمال في ألمانيا مع هذا الاتجاه بإظهار بعض مظاهر الاستقرار، وإن كانت عند مستويات متدنية. وسجّلت غالبية الأسهم الآسيوية تعافياً قوياً خلال التداولات المبكرة، بما ينسجم مع الانتعاش الذي شهدته بورصة وول ستريت، لا سيما في ضوء ما أسفرت عنه البيانات الاقتصادية الضعيفة عن تعزيز التوقعات بشأن اتجاه الاحتياطي الفدرالي للتخفيف من موقفه المتشدد في هذا الصدد. واستقرت الأسواق الصينية بعض الشيء على نحو لافت، خصوصاً بعد عمليات التصفية التاريخية التي شهدتها يوم الاثنين، والتي كانت مدفوعة بتقييم المتداولين لأسعار الصفقات بناءً على المشهد السياسي والآفاق الاقتصادية الغامضة في الصين.

وأمّا في مجال العملات، فقد تراجعت قيمة اليوان المتداول في الخارج لما دون المستوى النفسي عند 7.30 على خلفية عقد مؤتمر الحزب الشيوعي، بينما يتريث المضاربون على ارتفاع قيمة الدولار في ظلّ التوقعات حول تحرك جديد محتمل للاحتياطي الفدرالي. ومن ناحيتها، ارتفعت قيمة الجنيه الإسترليني مقابل جميع نظيراته من العملات العشرة الرئيسية هذا الصباح قُبيل موعد اللقاء الذي يجمع ريشي سوناك بالملك تشارلز وإلقائه أوّل خطاب عام في وقت لاحق من صباح اليوم. ويُرجّح أن يبقى اليورو، الذي يبدو مستقراً، عالقاً ضمن نطاق محدد لغاية تاريخ انعقاد اجتماع البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس.

هل سيتدخل البنك المركزي الأوروبي لإنقاذ اليورو؟

تتوقع الأسواق بشكل كبير توجه البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس إضافية يوم الخميس، في تحرُّك يهدف إلى احتواء التضخم الذي تجاوز نسبة الـ 2% المستهدفة بكثير. وبينما أخذت الأسواق هذه القرار بالاعتبار بالفعل، قد يحظى المضاربون على ارتفاع قيمة اليورو ببعض الدعم، لا سيما بعد الأضرار الكبيرة التي لحقت بهم بسبب الدولار القوي على مدى الأشهر القليلة الماضية. وتتجه غالبية الأنظار نحو المؤتمر الصحفي المرتقب لرئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، والذي سيكون محط تدقيق كبير من قبل المستثمرين الذين يسعون للحصول على أيّ مؤشرات حول ماهية السياسة المقبلة للبنك. وقد يحصل اليورو على بعض الدعم في حال قرّر واضعو السياسات المضي قدماً في رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس مع فسح المجال أمام المزيد من الزيادات الجريئة في المستقبل. ومن جانب آخر، يُمكن لأيّ زيادة ضخمة بمقدار 100 نقطة أساس أن تمنح المضاربين على ارتفاع قيمة اليورو بجرعة كبيرة من الثقة للخروج بشكل حاسم من نطاق تداوله الحالي. ويُحتمل تراجع زوج عملات اليورو / الدولار الأمريكي إلى ما دون مستوى 0.9700 من جديد في حال فاجأ البنك المركزي الأوروبي الأسواق بزيادة أقل من المتوقعة عند 50 نقطة أساس. ويُرجّح أن يرسم اجتماع البنك المركزي الأوروبي، بصرف النظر عن نتائجه، مسار العملة الأوروبية الموحدة على الأسابيع القليلة المقبلة.

العملات تحت دائرة الضوء - هل حان وقت التهدئة بالنسبة للدولار القوي؟

تراجع الدولار أمام غالبية العملات العشرة الرئيسية منذ بداية الربع الأخير من العام، فيما يُعزى إلى تحسن الاتجاهات في السوق وارتفاع الثقة بعودة الاحتياطي الفدرالي إلى موقفه الداعم لكبح التضخم. وتزداد التوقعات بشأن قُرب انتهاء مرحلة اعتماد الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة، لا سيما في ضوء الصورة القاتمة التي ترسمها البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة. استمد المضاربون على ارتفاع قيمة الدولار قوّتهم طوال عام 2022 من الإقبال الكبير على العملة الأمريكية كملاذ آمن، والتفاؤل بشأن الاقتصاد الأمريكي والتوقعات برفع الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة. وقد يتعرض هؤلاء لضربة قوية الآن بعد عودة الإيجابية إلى الأسواق العالمية بسبب الإيرادات القوية ودور البيانات الأمريكية الضعيفة في دفع الاحتياطي الفدرالي للتخلي عن موقفه المتشدد بشأن أسعار الفائدة.

ومن الناحية الفنية، يبدو المضاربين على ارتفاع قيمة مؤشر الدولار الأمريكي منهكون على الجداول البيانية اليومية مع عودة الأسعار ضمن نطاقها المعهود. من شأن أيّ تراجع لما دون مستوى الدعم عند 111.50 أن يؤدي إلى انخفاض جديد نحو 110.00 و109.00، على الترتيب. ومن جانب آخر، قد يعود مؤشر الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته على مدى عقدين عند 114.78 في حال ارتفعت الأسعار فوق مستوى 113.50.

أسعار النفط بانتظار حافز جديد

يُرجّح أن تتقلب أسعار النفط بين الخسائر والمكاسب في ضوء اجتماع المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي مع الحذر بخصوص شُح الإمدادات. تعرض خام برنت للضغط هذا الصباح مع تداوله عند حوالي 90.25 دولار للبرميل عند تاريخ كتابة هذا التقرير. وبينما يُحاول المستثمرون التوفيق بين مخاوف التباطؤ والتغييرات الحادة في اتجاهات الإقبال على المخاطر وتقلب الدولار وغيرها من المسائل المؤثرة على ديناميكيات العرض والطلب، قد تجد السوق نفسها أمام تقلبات كبيرة في الأسعار مع اقترابها من نهاية العام.

ويبقى خام برنت من الناحية الفنية تحت الضغط على الجداول البيانية اليومية، حيث يجري تداول الأسعار دون المتوسط المتحرك البسيط لـ 50 و100 و200 يوم. ومن شأن أيّ تراجع دون 90 دولار للبرميل أن يفسح المجال أمام المزيد من التراجع إلى 87 و82.50 دولار للبرميل. بينما سيكون مستوى الاهتمام التالي عند 95.00 دولار للبرميل في حال ارتفعت الأسعار متجاوزة مستوى 92 دولار للبرميل.

لمحة عن السلع الأساسية – الذهب

وجد الذهب نفسه تحت الضغط مُجدداً بعد الانتعاشة المذهلة التي حققها الجمعة الماضية، فيما يُعزى إلى تحسُّن اتجاهات السوق وارتفاع عائدات سندات الخزينة. وتُرجح التوقعات تقلّب مستويات الإقبال على المعدن الثمين بينما يُقيّم المستثمرون فيما إذا كان الاحتياطي الفدرالي سيُحافظ على موقفه الداعم لكبح التضخم الأسبوع المقبل بعد رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس أخرى في شهر نوفمبر. وفي الوقت ذاته، يُمكن للذهب أن يُسجّل المزيد من التراجع لغاية ظهور أيّ عامل تحفيز توجيهي جديد في المشهد. يُمكن لاستمرار التراجع دون 1655 دولار للأونصة أن يفسح المجال لمزيد من التراجع نحو 1615 و1600 دولار للأونصة، على الترتيب. بينما قد يُؤدي أي ارتفاع فوق 1655 دولار للأونصة إلى تحرك إضافي نحو 1670 و1680 دولار للأونصة.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.