لا يبدو بأنّ الإقبال على المخاطر في طريقه إلى التراجع قريباً؛ إذ راوحت الأسهم الآسيوية بالقرب من مستويات قياسية جديدة عند بدء التداولات في وقت مبكر من يوم الإثنين، بينما تقدمت أسهم العقود الآجلة الأوروبية والأسهم المُدرجة على مؤشر ستاندر آند بورز500 نحو تحقيق معدل قياسي جديد عند إغلاق المؤشرات الأمريكية يوم الجمعة. ومن جانبها، ارتفعت عائدات السندات الأمريكية التي تستحق بعد عشرة أعوام لأعلى مستوياتها بعد انتشار كوفيد-19، بالتزامن مع وصول خام برنت لعتبة جديدة عند 60 دولاراً للبرميل.

وتُسهم عوامل مثل تباطؤ معدل انتشار فيروس كورونا المستجد وتواصل جهود نشر اللقاحات والتوقعات بإقرار الرئيس بايدن لحزمة الإعانة بقيمة 1.9 تريليون دولار أمريكي في الحفاظ على التوجه الصاعد للأسعار في السوق. وارتفع عدد من مؤشرات توجهات المخاطر إلى أعلى مستوياتها منذ بدأت تداعيات الأزمة الصحية على مختلف الاقتصادات والأسواق المالية في جميع أنحاء العالم.

وقد يتجه تركيز المستثمرين بالاتجاه المعاكس نحو نقاط تعادل معدلات التضخم بسبب المخاطر المتعلقة بالأسعار المرتفعة المتوقعة نتيجة لتدابير التحفيز المالي والسياسات النقدية. وبالفعل، تعكس هذه المعدلات، والتي تُشير إلى معدل تضخم عند 2.2% على مدى العقد المقبل، قدراً كبيراً من المخاطر، وقد نشهد ارتفاعها خلال الأشهر القليلة المقبلة. ومع ذلك، ستتضح ملامح هذه المخاطر مستقبلاً، وخصوصاً مع استبعاد إقدام الاحتياطي الفدرالي على الحد من عمليات شراء الأصول قبل نهاية العام، بالتزامن مع إبقائه على أسعار الفائدة عند أدنى مستوياتها لغاية بداية عام 2023.

وكانت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، قد أدلت بتصريحات جريئة يوم الأحد توقعت فيها نجاح الولايات الأمريكية في استعادة جميع الوظائف التي خسرتها خلال الأزمة بحلول العام المقبل في حال أقرّ الكونغرس حزمة التحفيز المالي المقترحة. وإذا افترضنا وصول معدلات البطالة عندها إلى حوالي 4.1% بحسب التوقعات الوسطية الأبعد أمداً التي أصدرها الاحتياطي الفدرالي، نلحظ بأنّ توقعاتها أتت أقل من توقعات الاحتياطي الفدرالي لشهر ديسمبر بحوالي 0.9%. وفي حين أقرّت الوزيرة بأنّ حجم حزمة التحفيز قد يُسفر عن حدوث فورة في النشاط الاقتصادي، تبقى مسألة البطالة ومعاناة المشاريع الصغيرة أهم القضايا التي يجب التعامل معها في الوقت الراهن.

ولا شك بأنّ الإفراط في التقييم أصبح مبالغاً فيه، لا سيما في قطاع التكنولوجيا. كما تعكس التحركات الانفعالية التي تشهدها أصول المخاطر، مثل العملات المشفرة، الزيادة المفرطة في الإقبال على المخاطر أيضاً. ولست متأكداً من وصولنا إلى مرحلة تشكّل الفقاعة بعد، ولكنّنا بتنا قريبين منها بلا شك. ومن هذا المنطلق، فما زلت أتوقع ارتفاع أسعار الأسهم في المستقبل القريب. ويعود السبب في ذلك إلى استعداد المستثمرين لتجاهل مخاطر التضخم المستقبلية، مع استمرار الدعم من واضعي السياسات النقدية. وتُعد الإيرادات أحد العوامل الداعمة لارتفاع الأسعار؛ إذ أعلنت 81% من الشركات المُدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز500 حتى الآن عن تحقيق أرباح مفاجأة عن السهم الواحد لديها في الربع الأخير لعام 2020، ما قد يُؤدي إلى تسجيل نمو إيجابي في الإيرادات عن هذا الربع بالمقارنة مع الربع الأخير لعام 2019.

وسيكون على الأسواق التعامل مع مسألة التقييمات لاحقاً. كما سيتوجب على المستثمرين ترقب أي خطوات قد يتخذها واضعو السياسات النقدية في الولايات المتحدة وبقية دول العالم في سبيل الحد من الحوافز المطروحة؛ إذ سيكون ذلك هو الوقت المناسب للخروج من السوق. ومن المرجح أن يُواصل المضاربون على ارتفاع الأسعار استفادتهم من التوجه الحالي حتى ذلك الحين.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.